Menu

مسلسل “الملاك الثائر جبران خليل جبران” له لبنانه وثورته وللممثل شادي حداد ثورة من نوع آخر.

أعادت المؤسسة اللبنانية للارسال عرض مسلسل “الملاك الثائر – جبران خليل جبران” من تأليف، سيناريو وحوار نھاد سيريس، اخراج محمد فردوس اتاسي وإنتاج نادر الأتاسي الملفت في هذا العمل السوري اللبناني المشترك انه يجمع نخبة من الممثلين السورين واللبنانيين. تم تصويره وعرضه لاول مرة سنة ٢٠٠٦- ٢٠٠٧ اي منذ حوالي ١٣ عاماً، بطولة النجوم السوريون: سوزان نجم الدين، غسان مسعود، صفاء سلطان، ديمة قندلفت، سامر المصري، فارس الحلو، جيهان عبد العظيم اما من لبنان النجوم: رلى حمادة، أحمد زين، رفعت طربيه، شادي حداد، ميرنا مكرزل، رشا تقي وغيرهم من الممثلين . يذكر ان شخصية جبران قام بتجسيدها ٤ ممثلين وهم: زين حمدان، علي رمضان، رفعت طربيه وشادي حداد، بحيث تشمل المراحل العمرية المختلفة لحياة جبران خليل جبران ويروي المسلسل سيرة جبران منذ ولادته في بلدة (بشرّي) اللبنانية عام ١٨٨٣ ثم فترة هجرته الى الولايات المتحدة وصولاً لوفاته في مدينة نيويورك عام ١٩٣١ في قصة هذا العمل، خطوط عريضة تسرق انتباهنا رغم المرحلة الزمنية القديمة فالحقبة التاريخية التي تدور بها احداث القصة قد تحاكي بشكلٍ ما ظروف ايامنا هذه في لبنان اذ نشاهد الأديب اللبناني الأصل جبران خليل جبران متمرداً على الوضع الإجتماعي، منفتحاً لدور المرأة وحرية التعبير، يمثل صوت الشعب الفقير، يرفض الإقطاع والإستبداد والجهل ثائراً على الانظمة والتقاليد بعاطفة جياشة وقلمٍ أدبي نثري له جمالياته وتقنياته الفنية.

ومنه أدب الحب الحافل بخطابات تفيض بعبارات الحب، ولوعات الشوق، وحرقات الألم، وذكريات الماضي، وما يراود النفس من رغبات وتطلعات وأحلام وطموح ونضال، وانتفاضات مستمرة فضلاً عن النقد بلسان أسماء أدبية مرموقة عبر التاريخ ويكمن هدف جبران الاساسي بناء فلسفته الخاصة على أسس المحبة والتمرد في آن معاً : “لكم لبنانكم ولي لبناني […] لبنانكم عقدة سياسية تحاول حلها الأيام، أما لبناني فتلول تتعالى بهيبة وجلال نحو ازرقاق السماء. لبنانكم مشكلة دولية تتقاذفها الليالي، أما لبناني فأودية هادئة سحرية تتموج في جنباتها رنات الأجراس وأغاني السواقي…” اي درس لقّنته لنا بكلماتك التي حفرت بها التاريخ يا جبران ؟ آتراهم فهموا الدرس ام سيبقى لبنان الشعب، من احلام الشعب، ولبنان العالم، من صنع مخططات سياسيي العالم؟ ودرسٌ آخر أدهشنا، درسٌ اعطيته يا جبران، للممثلين الجدد في الوسط الفني اللبناني ودرسٌ مشابه اعطيته لعدد من الممثلين الذين لمع نجمهم مؤخراً بحيث يتفادون النقاش بأي عمل قديم لهم يعاد عرضه فيفضح خطواتهم الناقصة في مسيرتهم المهنية رأي خاص: لا عيب بذلك يا سادة طالما يطور المرء نفسه، الا ان موضوع إعادة عرض هذا العمل جعلني اقلب بصفحات مسيرة الممثل شادي حداد. في مسلسل “الملاك الثائر” راقبت تصرفات شخصية “جبران” شاهدت كيف حوّل الممثل “شادي حداد” نظريات وقناعات جبران بلغة جسده وصوته. يمشي بخطوات ثابتة متمردة، ملامحه نقية ونظراته حالمة تعيش حالات الحب على انواعها، صوته عاطفي لكن قوي ولفظه في اللغة المحكية ملفت اذ يشد احياناً على الاحرف ويستعجل، كثائر يسعى للتغيير بإستعجال كمن ضاقت فيه الحياة وسط بيئة يسودها الجهل والطاعة العمياء. حين يتكلم باللغة العربية المحكية نسمع القليل من لهجة ابن البلدة وحين يتكلم باللغة العربية الفصحى يُحْسِن مخارج الحروف، يقدم إلقاء مريح لا يشوبه شائبة ويبدو جلياً ان شادي حداد عمل على اتقان الفصحى جيداً بعكس بعض الممثلين المشاركين في العمل نفسه. كيف لا وهو يلعب دور جبران خليل جبران هذا الرجل الذي كان سيد الأدب في المشرق العربي وكتاباته من أجمل ما خطته أنامل الأدباء ؟! انه “شادي حداد” بدور “جبران خليل جبران ” وان قلبت الصفحة لدوره في مسلسل “نضال” مثلاً ارى فيه صورة معاكسة تماماً حيث حوّل ملامحه النقية نفسها لملامح شاب تأسره العقد ويمشي بخطى مرتبكة ويطيع اسياده في السياسة وفي نهاية المطاف حين قرر ان يثور ويُكفّر عن ذنوبه، كانت ثورته صامتة ومؤلمة وبطيئة حتى ولو نجحت…هو نفسه شادي حداد لكن بدور آخر مركب قدمه بطريقة مختلفة حتى لو حمل بين سطور شخصيته في مسلسل “نضال” شيء من الثورة أيضاً ولا بد من الذكر انه صور العملين في العام نفسه. وفي صفحة أخرى من مسيرته الفنية لعب دور السيد المسيح في الفيلم القصير “لأجلكم”، ولم تكن هذه تجربته اليتيمة في الاعمال الدينية فقد لعب بعمل آخر دور القديس نعمة الله الحرديني فكان حريصاً على ان يُظهر للمشاهد نبع كبير من الايمان انما بطريقتين مختلفتين. مع هذا الممثل لم اجد عيباً لو يعاد عرض مسلسل قدمه منذ ١٣ سنة…فالجدير ذكره انه لا يطل بأعمال كثيفة بل بنوعية بعيدة عن التكرار في الاداء ويرفع لها القبعة جميلةٌ مسيرته الفنية المستمرة، فقديمها، يشيخ فيها اسلوب التصوير بسبب تقدم التكنولوجيا وتقنيات الاخراج لكننا لا نرى فيها ضعف في التمثيل ولو على مر السنين يذكر ان شادي حداد قدم عمل سينمائي العام الفائت ويتحضّر لتصوير بطولة فيلم من كتابة جوزفين حبشي، إستشارة فنية لأنطوان خليفة أما الاخراج فللارا سابا. من انتاج مشترك بين “واكاندا غروب و art على امل ان تكون اعماله القادمة بحجم ادوراه الصعبة التي كسبتها الدراما اللبنانية.

فيديو اليوم