نظّمت جمعية”إدراك” (مركز الأبحاث وتطوير العلاج التطبيقي) بالتعاون مع قسم العلاج النفسي في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي وكليّة الطب والعلوم الطبّية في جامعة البلمند والجمعية اللبنانية للطب النفسي محاضرة في مسرح البتلوني التابع لجامعة البلمند في الأشرفيّة، عن دراسة رائدة تجريها بالتعاون مع جامعة ميتشيغن الأميركية، تتناول استحدام الهواتف النقّالة لرصد التغيّرات الصوتية والسلوكية في تشخيص الاضطراب الثنائي القطب (Bipolar Disorder)، بما يتيح استباق أي تدهور مزاجي.
وافتتح رئيس “إدراك” الدكتور إيلي كرم المؤتمر بمقدمة عن هذا المشروع الرائد وتولّى عرض هذه الدراسة البروفسور ميلفين ج. ماكينيس، أحد أبرز الباحثين في مجال الاضطراب الثنائي القطب والاكتئاب في العالم، وهو من أهم الخبراء العالميين في تشخيص هذا الإضطراب وعلاجه السريري لدى المراهقين والبالغين. وركّزت أبحاث ماكينيس على العناصر الوراثية المتعلّقة بالاضطراب الثنائي القطب وأسبابه وأنماطه ونتائجه.
ويُدرّس البروفسور ماكينيس الاضطراب الثنائي القطب والاكتئاب في مركز الاكتئاب في جامعة ميتشيغن الأميركيّة، وهو المدير العلمي لصندوق مركز هاينز س. بريشتر لأبحاث الاضطراب الثنائي القطب في الجامعة ذاتها.
وأوضح ماكينيس أن الاضطراب الثنائي القطب الذي يترافق مع اضطرابات مَرَضيّة على مستوى قدرات الشعور والمعرفة والحركة، يتجسد في تغيرات في المزاج تتراوح بين حالات يكون فيها الشخص عالي المزاج بصورة غير اعتيادية ويكون كلامه كثيراً وسريعاً وحالات يكون فيها الشخص منخفض المزاج تتمثل بحالة اكتئاب مع إعاقة حركية وتراجع في نوعيّة النطق وكميّته. وأشار إلى أنّ توفير العلاج الناجح لمن يعاني أمراض المزاج كالاضطراب الثنائي القطب، يتطلب رصداً مستمراً يمكّن من تتبّع الحالة الصحيّة والعقليّة وتطوّرها وتنبيه الشخص المعني ومَن يتولون رعايته طبياً قبل ظهور تبدّلات حادّة في حالته المزاجيّة والنفسيّة تسبّب مضاعفات وخيمة.
وأوضح أن هذا الرصد يجري حالياً سريريّاً ويعتمد على تفاعل منتظم بين المريض ومَن يتابعونه طبياً لتقييم مسار المرض واستباق التبدّلات السريريّة. وأقرّ بأن ثمة تقنيّات محدودة حالياً تتيح رصد الأفراد على المدى الطويل بطريقة سَلِسَة وغير مزعجة تتكامل مع النمط اليومي لحياتهم.
وأعلن أنّ جمعيّة “إدراك”، التي أجرت أبحاثاً عن الصحّة النفسيّة في لبنان على مدى السنوات الثلاثين المنصرمة، باشرت بإجراء دراسة مموّلة من المعهد الوطني للصحة (NIH) في الولايات المتحدة، بالتعاون مع جامعة ميتشيغن في الولايات المتّحدة، وقسم الطب النفسي وعلم النفس السريري في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي وكليّة الطب والعلوم الطبّية في جامعة البلمند.
ويتناول هذا البرنامج البحثي مقاربة مبتكرة تسدّ النقص في تقنيات المتابَعة الإستباقية، عبر تطوير حل عمليّ لرصد التغيرات الصوتية والسلوكية لدى مرضى الاضطراب الثنائي القطب. ويقوم هذا الأسلوب على الرصد الدائم بواسطة نظام خاص بالهاتف النقّال، للتغيرات الصوتية والسلوكية لدى المصابين بهذا الإضطراب، يتم تحليل نتائجه بواسطة برامج تقنية متقدمة.
وشدد على أن لهذا المشروع آثاراً إيجابية كبيرة في رعاية وعلاج الاضطراب النفسي، وسيشكّل، في حال نجاحه، تطوراً مهماً على المستويين المحلي والعالمي، إذ أن هذه التقنية ستتيح تحديد أولويّات الرعاية الطبّية والنفسيّة للمرضى بناء على التشخيص المبكر للتبدّلات النمطيّة في الصوت والنطق، والتي تعكس بدرجة كبيرة التحوّلات المزاجيّة الأساسية، وتعتَبَر أصلاً مكوّناً أساسياً في الفحص السريري”.