المقدمة:
الصحافية والإعلامية ريتا بريدي
مركز جنيف هو مركز بحثي حظي بمركز استشاري خاص لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة ويكرس جهوده في سبيل تعزيز حقوق الإنسان من خلال الحوار الديني والحضاري والعابر للثقافات بين الشمال العالمي والجنوب العالمي ومن خلال تدريب الأجيال القادمة من الأطراف المعنية في المنطقة العربية. ويعمل المركز على إيجاد نظام قائم على القيم في مجال حقوق الإنسان، موجهاً بعيداً عن التسييس ويعمل على بناء الجسور بين مختلف وجهات النظر المتعلقة بالشمال العالمي والجنوب العالمي. ويهدف إلى العمل كمنبر للحوار بين مجموعة متنوعة من الأطراف المعنية العاملين في مجال تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ويهدف أيضا إلى تعزيز التفاهم المتبادل وعلاقات التعاون بين الأفراد. وخلال تواصلي مع هذا المركز استطعت إجراء هذا الحوار للتعرف أكثر على أعماله وكيفية احتضانه لقضايا الإنسان بشكلٍ عام.
– ما هي أبرز الأعمال التي يقوم بها مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي؟
يواصل مركز جنيف ولايته من خلال تنظيم حلقات نقاشية في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، ونشر الدراسات وتنظيم الدورات التدريبية. وكجزء من جهود المركز للإسهام في نشر ثقافة حقوق الإنسان في المنطقة العربية وفي مجال الثقافة الإسلامية، عقد مركز جنيف أكثر من 20 حلقة نقاشية في قصر الأمم بجنيف بالتعاون مع الأطراف المعنية من الشمال العالمي والجنوب العالمي. والهدف من هذه المناقشات هو تعزيز الوعي بحقوق الإنسان لدى الرأي العام العربي والثقافي والإسلامي في مختلف أنحاء العالم. ويلجأ المركز إلى إنشاء التحالف وتنظيم الحوار بين الجنوب العالمي والشمال العالمي لبناء جسور بين الثقافات والأديان والحضارات. ولدى مركز جنيف أيضاً عدة إصدارات توثق الإنجازات والدروس المستفادة من نتائج الحلقات النقاشية المنعقدة في مكتب الأمم المتحدة في جنيف. ويشكل تشجيع عملية تبادل المعارف وتعزيزها بين الأطراف المعنية في الشمال العالمي وفي الجنوب العالمي جزءا من جهود المركز الرامية إلى تشجيع الحوار العالمي بشأن قيم العدالة والتسامح. ويركز المركز جهوده في مجال بناء القدرات المسؤولين الحكوميين والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمحامين والصحفيين وغيرهم من ممثلي المجتمع المدني. وهي تتفاعل مع خبراء مستقلين في مجال حقوق
الإنسان لوضع برامج هادفة لبناء القدرات من أجل تمكين هذه المجموعات من تحسين مشاركتها في آليات حقوق الإنسان القائمة، مما قد يشكل تحديا بالنسبة لغير الخبراء والأشخاص العاملين خارج منظومة الأمم المتحدة. ويتمثل الهدف الأساسي لبرامج المركز التدريبية في تمكين الأطراف المعنية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من العمل وفقا لتوصيات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان على نحو فعال ومستدام. وقد درب المركز في مجال حقوق الإنسان، ومن خلال برامجه التدريبية الصارمة في مجال حقوق الإنسان، أكثر من 100 فرد من المهنيين من المنطقة العربية ذوي مناصب تتصل بعملية صنع القرارات الرئيسية مع تمثيل النساء والرجال على قدم المساواة. وأخيراً، أود أن أضيف أن أنشطة المركز تُجرى تحت قيادة رئيس مركز جنيف، معالي الدكتور حنيف حسن علي القاسم، وهو أيضا عضو مجلس إدارة لشركة خاصة كبرى في دبي. أنا أتقلد حاليا منصب المدير التنفيذي لمركز جنيف. وكنت سابقا سفير الجزائر في العديد من العواصم، ورئيس وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة وعضو مجلس إدارة و مدير للعديد من الجمعيات الخيرية في جميع أنحاء العالم.
– عقدَ المركز ندوة لطرح استراتيجية مشتركة لتمكين المرأة عربياً وعالمياً فلماذا قمتم باختيار هذا الموضوع تحديداً؟
سعت الحلقة النقاشية إلى الرد على محاولة مضللة ومعيبة من جانب صانعي القرارات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والخبراء الذكور المستشرقين الذين يزعمون أن عدم المساواة بين الجنسين وعدم تمكين المرأة من المرجح أن يرتبطا بالجنوب العالمي وبالأخص بالبلدان العربية في الشرق الأوسط وفي شمال أفريقيا.
ولم تنوِ المناقشة “الإشارة إلى” منظمات أو خبراء بعينهم و لم تنوِ حتى “وصم العار” لأي منهم إثر اتخاذهم موقف ما بشأن هذه المسائل. بل أراد مركز جنيف تبديد الخرافات والمفاهيم الخاطئة الموجودة فيما يتعلق بوضع المرأة العربية والاعتراف بالأحرى بأن تعزيز حقوق المرأة والنهوض بها هي مسألة تثير قلقا عالميا إذ لا يمكن لأي بلد في العالم، أو أي منطقة بعينها أن تدعي بأنها حققت المساواة الكاملة بين الجنسين داخل مجتمعاتها، بغض النظر عن الدول الإسكندنافية التي أحرزت تقدما واضحا أكثر من أي منطقة أخرى. ومن المنصف أيضاً الأخذ في عين الاعتبار أهمية التعجيل بعملية التقدم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في المنطقة العربية استناداً إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومات العربية مؤخراً للنهوض بالمساواة بينالجنسين وتعزيزها. وما يهم أكثر من أي مسألة أخرى التقدم المحرز على أرض الواقع.
وبناءً على ذلك، وجد المركز أنه من الضروري تنظيم هذه الحلقة النقاشية من أجل إقرار الإنجازات التي تحققت والتي تشير إلى أننا نسير في الطريق الصحيح. ونأمل أن تؤدي مبادرة تقديم ردود فعل إيجابية أكثر بخصوص التقدم المحرز إلى الاعتراف على نحو أفضل بالوضع الذي تطور نحو وضع أكثر عدلا وإنصافا للمرأة في المنطقة العربية. وكانت هذه هي العناصر الرئيسية التي استرشدنا بها عندما اتخذنا قراراً لعقد هذه المناقشة في مكتب الأمم المتحدة في جنيف.
– كيف كانت الأجواء في هذه الندوة؟
جمعت الحلقة النقاشية خبراء عاملين في مجال حقوق المرأة ودعاة حقوق الإنسان المتميزين من الغرب والمنطقة العربية على حد سواء. وقد تشرفنا بحضور وزيرة العدل في السودان، وسفير مصر لدى الأمم المتحدة في جنيف، وخبراء من الأمم المتحدة، وعضوة بارزة في مجلس الشورى السعودي، والمؤسس المشاركة لمنظمة المجتمع المدني “لالاب” ومديرة جامعة موناش بقسم الدراسات العالمية في أستراليا. وأكد المشاركون أن هناك العديد من الحواجز والتحديات التي تعرقل إعمال حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين ولا يمكن أن نخصها بمنطقة واحدة في العالم. وعوضا من ذلك، تم الاتفاق على أن يوحد صانعو القرار العالميون من الشمال العالمي والجنوب العالمي قواهم للعمل معا من أجل تحقيق التوازن بين الجنسين وتمكين المرأة في جميع مناطق العالم.
وعلاوة على ذلك، عرضت المناقشة أيضا وجهة نظر بديلة تتناول سوء الفهم الدائر حول النساء العربيات والقوالب النمطية فضلا عن تقييم موضوعي للتحديات المشتركة التي تواجهها البلدان في المنطقة العربية وفي الغرب لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. فعلى سبيل المثال، أفادت وزيرة العدل في السودان بأن أكثر من 30 في المائة من أعضاء البرلمان في السودان من النساء. وهذا هو الحال أيضاً في الجزائر. وهذه النسب أعلى من النسب التي قد تُوصل إليها في البرلمانات الوطنية في أستراليا والصين وأيرلندا والجمهورية التشيكية وروسيا والهند والبرازيل وكندا والولايات المتحدة الأمريكية. وأشار مشاركون آخرون إلى أن مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية قد أدرجت المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في استراتيجياتها الوطنية. ووفقاً لنتائج كتاب “مكافحة إسلامه”: المرأة والإيمان والتحيز الجنسي” الذي كتبته الدكتور سوزان كارلاند في عام 2017، وكانت من بين المتحدثين الرئيسيين في هذا الحدث، فإن النساء
العربيات لا يرون الإسلام عقبة أمام محاربة التحيز الجنسي والتمييز وتهميش المرأة. بل إن روح المساواة في الإسلام توجه المرأة في جهودها والتزاماتها للنهوض بحقوقها.
وهناك أيضاً العديد من التطورات الهامة الأخرى التي تطرأ على المنطقة العربية من أجل تعزيز حقوق المرأة والنهوض بها، إلا أنه نتيجةً لعوامل مثل التلاعب بالإعلام والوصم المستمر والقوالب النمطية للعرب، فإن هذه القصص الإيجابية لا تكاد تلقى أي اعتراف في وسائل الإعلام الرئيسية. وهذا يترك تصوراً معيباً وخاطئاً بخصوص وضع المرأة العربية. وفي هذا الصدد، استهدف مركز جنيف عكس هذا الاتجاه المثير للقلق وإبراز نجاحات البلدان العربية في مسعاهم لتعزيز مركز المرأة العربية والنهوض به. فإن اقتراح وجهة نظر بديلة عن المرأة في المنطقة العربية أمر أساسي للنهوض بعملية التفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات.
برأيكم، ما هي العوائق التي تقف في وجه حصول المرأة على حقوقها في هذا العالم؟ وما هو وضع النساء في العالم العربي؟
على الرغم من عدم الاستقرار المتزايد والتطرف والاضطرابات الاجتماعية حالياً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والنهوض بهما يسيران على الطريق الصحيح. وفي هذا الصدد، أثني على القرارات التي اتخذتها تونس ولبنان والأردن لإلغاء القوانين التمييزية التي تمكن مرتكبي الاغتصاب من الهروب من العدالة إذا ما اختاروا الزواج من ضحاياهم. وقد بلغ تمثيل المرأة الآن في برلمان تونس وبرلمان العراق 20٪ أو أكثر. وقد أدرجت بلدان مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في استراتيجياتها الوطنية. وكما ذكرت آنفا فإن الجزائر والسودان قد وصلا إلى نسبة 30٪ أو تجاوزاها. وتبين هذه التطورات أن تعزيز حقوق المرأة والنهوض بها في المنطقة العربية قد حظي بقبول اجتماعي قوي داخل المجتمعات العربية
ومع ذلك، لا تزال الحواجز والتحديات التي تعرقل النهوض بوضع المرأة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والمدنية للمجتمعات تتطلب منا أعلى درجات الاهتمام. وأعتقد أن هذه التحديات يمكن معالجتها بمرور الوقت شريطة أن يُسمح لكل بلد بتحديد إطار مناسب لضمان تحقيق المساواة بين الجنسين تماشيا مع سياق كل بلد والاستجابة إلى التحديات والحواجز المحددة التي تعوق تمتع المرأة بالحقوق نفسها مع الرجال. وما يثير دهشتي هو رؤية أنه حتى في المجتمعات المتقدمة، لا يُؤيد مبدأ المساواة في الأجر عن العمل المتساوي، وأنلمرأة لا تزال ممثلة تمثيلا ضعيفا جدا في المناصب عالية المستوى في الحكومات والشركات الكبرى. وما زلت متفائلا لإيماني بأن حقوق المرأة في المنطقة العربية ستشهد تحسناً كبيراً في السنوات المقبلة.
– كل يوم نسمع في مجتمعاتنا عن العنف الذي يطال النساء، لماذا وما هي الأسباب؟
لا يزال العنف القائم على نوع الجنس مشكلة في كثير من المجتمعات حيث أن العنف يؤثر على ثلث النساء في جميع أنحاء العالم. وفي حالة المنطقة العربية، أعتقد أن هناك ثلاثة عوامل سائدة. فأولا، أدى الارتفاع غير المسبوق في أعمال العنف والصراع المسلح في العديد من المجتمعات العربية إلى تقويض وضع المرأة العربية وساهم في تصاعد أعمال العنف التي تستهدفها. وثانياً، تحول التشريعات التمييزية والعقبات القانونية دون اعتبار العنف ضد المرأة في بعض الحالات كجناية أو مخالفة. ومع ذلك، اتخذت العديد من البلدان العربية تدابير لإلغاء القوانين التمييزية لتقديم مرتكبي العنف ضد المرأة إلى العدالة. وأخيراً، يسهم التحيز الجنسي والنظام الأبوي والتعصب الذكوري في جميع أنحاء العالم في تصوير النساء على أنهن تابعين للرجل وأن لديهن “وضع اجتماعي أقل” من نظرائهن من الرجال.
– إذاً لنتكلم حول الحلول المناسبة:
تتمثل الحلول المناسبة للتصدي للعنف ضد المرأة فيما يلي: أولاً، يتعين على الحكومات الالتزام بإلغاء القوانين التمييزية المتبقية التي تمنح الحماية القانونية لمرتكبي العنف ضد المرأة. فجميع القوانين التي تؤدي إلى إفلات مرتكبي العنف ضد المرأة من العقاب وإهمال أشكال العنف المختلفة ضد النساء والفتيات، بما في ذلك التمييز النفسي والاقتصادي والسياسي والعنف، لا مكان لها في مجتمعاتنا.
ثانياً، أناشد البلدان العربية أن تنفذ الأحكام الواردة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ويدعو فيها الهدف رقم 5 من أهداف التنمية المستدامة على وجه التحديد جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الاستجابة لجميع أشكال العنف القائم على نوع الجنس والقضاء عليها وضمان حماية النساء من العنف. ولا يزال هدف التنمية المستدامة رقم 5 بمثابة البوصلة التي توجه جميع الدول -التي تشهد على العنف القائم على نوع الجنس في مجتمعاتها–كي تحدد إطاراً مناسباً يمكنها من الاستجابة إلى الاحتياجات والتحديات المحددة في مجتمعاتها. وسيتيح تنفيذ الهدف رقم 5 من أهداف التنمية المستدامة للمجتمعات العربية أن تتطور في مجال ضمان المساواة التامة بين الرجل والمرأة والتصدي للعنف الجنساني.
وعلى نحو مماثل، أشجع الدول العربية على تنفيذ أحكام جميع الصكوك الدولية التي تتناول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، من أجل تعزيز عملية النهوض بوضع المرأة العربية. وفي هذا الصدد، لا تزال اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واحدة من أكثر المرجعيات ذات الصلة بالجهود المبذولة للقضاء على التمييز ضد المرأة؛ وبالمثل، يتضمن إعلان ومنهاج عمل بيجين لعام 1995 أحكاماً عديدة لصالح تحقيق المساواة. وهناك هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة، مثل اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة على سبيل المثال التي تصدر بانتظام تقارير وتوصيات بشأن كيفية إصلاح التشريعات ودحر الممارسات التمييزية. ويعمل فريق الأمم المتحدة المعني بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون وفي الممارسة على تحديد الممارسات الجيدة المتصلة بالقضاء على القوانين التي تميز ضد المرأة. وتصدر المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة أيضا توصيات سنوية ذات صلة بكيفية التصدي الفعّال لآفة العنف ضد المرأة التي تقوض بشكل خطير جميع الجهود الرامية إلى تحقيق المساواة. ولذلك أشجع البلدان العربية على الاستفادة من جميع هذه الصكوك، وأن تأخذ في عين الاعتبار توصيات هذه الوكالات والمؤسسات والآليات من أجل معالجة أوجه عدم المساواة بطريقة فعالة.
– كيف يمكن للمركز مساعدة النساء في كافة المجالات؟
سيظل مركز جنيف يعمل على توصيل صوت رائد يعمل على وضع جدول أعمال أكثر شمولية للمرأة العربية. وسنكفل تمثيل مصالح المرأة العربية في المحافل الدولية والاجتماعات رفيعة المستوى من خلال الدعوة لمصالح المرأة العربية. ولمتابعة النقاش المتعلق بحقوق المرأة، نحن بصدد إعداد إصدار يتابع نتائج الحلقة النقاشية التي نُظمت في 15 أيلول 2017. ونعتقد أن مختلف الآراء المتنوعة التي عبر عنها المتحدثون، والدروس المستفادة من هذه الحلقة، يمكن أن تعرض رؤى مفيدة لصانعي القرار الدوليين في إطار جهودهم الرامية إلى تحقيق التوازن بين الجنسين وتمكين المرأة. وسيلتزم المركز أيضاً بعقد حلقة نقاش في مكتب الأمم المتحدة في جنيف بشأن تعزيز حقوق المرأة والنهوض بها في المنطقة العربية مرة واحدة في السنة على الأقل. فإن تبديد الخرافات المتعلقة بالمرأة العربية ستكشف عن الغرض البغيض وراء القوالب النمطية “المستشرقة” الأبوية. كما وسيحاول المركز تقديم صورة أكثر موضوعية عن واقع الحالة الراهنة.
غاب الضمير، ونُعيت الإنسانية في موضوع حقوق الإنسان، الأحوال تتدهور خصوصاً في العالم العربي وهناك الكثير من الملفات التي يُطرح عليها علامات استفهام. ولكن، ما هي وجهة نظر مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي في القضايا المأساوية التي يعيشها الناس حالياً في عالمنا؟
لكي تزدهر حقوق الإنسان وتحظى باعتراف أقوى، ينبغي احتواء العوامل التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في منطقة عربية بمجرد بلوغها مرحلة الازدهار والاستقرار. إن تدهور الوضع الأمني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يأتي بفائدة أبداً للمنطقة العربية وسكانها. يجب أن يسود الاستقرار والسلام حتى تتمكن الجهود المبذولة في المنطقة العربية من تحقيق توازن دائم بين الجنسين ومن تمكين المرأة. وإذا سُمح للعنف المتطرف أن يسود نتيجةً للفراغ السياسي الذي نشأ في المنطقة العربية، فإن النساء والرجال سيعانون على حد سواء من الأيديولوجيات السامة والبغيضة المتصلة بالتطرف العنيف. وإن استعادة السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة العربية من خلال ردع التدخلات الخارجية أمر أساسي لتعزيز وضع المرأة العربية والنهوض به. ولا تزال عملية تعزيز حقوق المرأة والنهوض بها تمثل شاغلاً عالمياً بالنسبة للغرب والمنطقة العربية. ويتعين على كل بلد أن ينظر إلى أخطائه أولاً قبل أن ينظر إلى أخطاء الآخرين.
وقبل الختام، نشكر مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي على كل الجهود التي يبذلها في تعزيز القيم الإنسانية، فالأمل موجود، والرجاء واعد، إذ علينا أن نثابر معاً لحماية الكرامة البشرية، لذا لنتصدى بسلاح الفكر والإيمان والثقافة علنا نصلُ الى مجتمع نجفف دموع قلقه وتشرق فيه ابتسامة عنوانها اطمئن أيها الانسان.
ريتا بريدي.