Menu

الصين وقيادة العالم: واقع قادم أم أضغاث أحلام؟

يكثر المحللون والمتابعون للصراع الدائر بين الولايات المتحدة والصين على أكثر من جهة وفي اكثر من اتجاه ، فالعلاقة بين البلدين متوترة جدا وفي أسوأ حالاتها منذ أكثر من أربعين عاما بعد وفاة الزعيم الصيني ماو, عام 1976.

لقد استعادت الصين الكثير من حيويتها في الصراع الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وخاصة بعد أن أصبح لها موطىء قدم في سيريلنكا وإلى نيبال أيضا حيث فرضت حضورها هناك، وذلك بعد أن كان البلدان ( سيريلنكا ونيبال ) منطقة نفوذ هندية. أضف إلى ذلك التقارب الصيني الباكستاني الذي أزعج الهند ، والتي هي بدورها تنسق مع الولايات المتحدة في أمور متعددة وقضايا متشعبة.

السبب الرئيسي للتوتر هو فيروس كورونا والركود الاقتصادي الذي أصاب العالم وتضرر منه الجميع . الولايات المتحدة طبعا تسمي الفيروس بالفيروس الصيني بدلا من (كوفيد-19). التوتر مع مرور الوقت اخذ أشكالا مختلفة ، بداية مع دعوة بعض أعضاء في الكونغرس الإدارة الاميركية للاستيلاء على الأموال الصينية الموجودة لديهم ، وهناط عامل آخر ألا وهو الانتخابات الأميركية والاعتبارات الإنتخابية لترامب وهو دائما يحاول أن يلصق المسؤولية بالصين ، وهو ما دأب عليه بالقول أن الصين تعمدت نشر الفيروس أو تباطأت لأسباب مغرضة بالتواطىء مع منظمة الصحة العالمية.

وإذا أقمنا مقارنة بين المعسكرين: معسكر يرى أن الولايات المتحدة ما زالت تتربع على العرش اقتصاديا وسياسيا وبالطبع عسكريا، وأن الصين ليست كألمانيا بالنسبة لبريطانيا في الحرب العالمية الثانية ، ولا يصح أن يقال عن الصين أنها أصبحت قوة دولية ويرتكزون على عدة نقاط : أولا : على المستوى الاقتصادي الناتج المحلي للولايات المتحدة عام 2019 هو 21 تريليون دولار في مقابل 14 تريليون دولار للصين .

وعلى المستوى العسكري : الولايات المتحدة تسيطر على كل المجاري المائية من مضائق ومسطحات وخاصة المحيطين الأطلسي والهادىء ، كما أن القواعد

العسكرية للولايات المتحدة وحاملات الطائرات في كل أنحاء العالم مقابل قاعدة عسكرية للصين خارج أراضيها في جيبوتي ، هذا بالاضافة الى التفوق الاميركي الجو فضائي إذ إن هناك 45 % من الأقمار الاصطناعية التجارية والعسكرية مملوكة من الولايات المتحدة ، وكقوة ناعمة فالدولار يسيطر ويتحكم ولا يقارن باليوان إضافة إلى الجانب الثقافي وانطلاق اللغة الانكليزية كلغة تواصل وأعمال وسيطرة وتحكم.

أما الفريق الثاني الذي يرى الصين قادمة بقوة للتربع على عرش العالم فيقول: بداية علينا أن نتذكر أين كانت الصين وأين أصبحت ؟ عام 1980 كانت الصين غائبة عن السمع وكان ناتجها المحلي 191 مليار دولار أي أقل من هولندا في ذلك الوقت أو حتى اسبانيا ، بالاضافة الى استهلاكها الطاقة والانترنت ومعايير أخرى.

قامت الصين بقفزة غير مسبوفة في سنوات قليلة ، هذا بالاضافة الى تعزيز حضورها في المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي، ومنذ عدة اسابيع قامت الصين بمناورات عسكرية في منطقة التيبت . كما لا يمكننا أن نتجاهل المواجهات الصينية -الهندية المستجدة في أيار وحزيران والتي أوقعت قتلى وجرحى بخلاف كل المواجهات السابقة التي كانت تقتصر على الركل والمناوشات الكلامية ، وهل هي رسالة للولايات المتحدة ولكل من يهمهم الأمر أن الصين انطلقت لتكون لاعبا أساسيا ومحركا سياسيا في شبه الجزيرة الهندية،أضف الى ذلك الأنظمة التي ظهرت والتي من الممكن أن تغير موازين القوى لصالح الصينيين كنظام DF-17والطائرة GG-11 والطائرة من دون طيار WZ-8و نظام DF-100 والغواصة من دون قائد وغيرها من الأنظمة. إذن ،هل ستكون الصين قادرة على تلقين خصومها درسا (قمنا بتلقين الهند درسا )-الكلمات التي أطلقت بعد انتصار الصين على الهند في حرب الإثنين والثلاثين يوما عام 1962- وهل ستكون المواجهة حتمية أم أن المعاهدة الصينية الأميركية أصبحت أقرب من أي وقت مضى؟

فيديو اليوم