بقلم الشدياق توفيق الدكاش
” التاريخ يعيد نفسه ” عبارة شهيرة يستعملها شعبنا، ولكن ما سمعنا مرّةً أنّ ” التاريخ ينفي نفسه “؛ بل هو موجود نسبةً الى خبرة شعب عاش ونقل هذه الخبرة الى غيره شفهيًّا أو كتابةً، لذلك حتميّة وجود التاريخ هو وجود أشياء مكتوبة تُثبِت أصالة عيش شعوب على هذه الأرض ضمن تاريخ وحقبات معيّنة.
لذلك أيمكننا إنكار هذا التاريخ وتهميشه؟ أيمكننا أن نمحو هذا التاريخ العريق الذي حمل معه العديد والعديد من الأشياء المهمّة؟ أيمكننا هدمه؟
الحقبة التي نعيش فيها هي الحاضر؛ لذلك لا يمكننا الرجوع الى الوراء ولا التقدّم بالزمن الى الأمام، لذلك الماضي مضى والمستقبل مع المستقبل. الحاضر هو الحاكم والإنسان يعيش فيه وليس لديه الإمكانيّة لا العيش في الماضي ولا في المستقبل.
عبرت الكنيسة هذا التاريخ وهي اليوم حاضرة في كلّ زمان ومكان، في الماضي، الحاضر والمستقبل. فما بتنا نسمع حتى اليوم الهجوم المباشر والمستمر على كنيستنا إن كان بالأعمال الارهابيّة وإمّا بالهجوم عليها بالكلام والانتقادات، وكأنّ هؤلاء الذين يفعلون هذه الأعمال يقدرون أنّ يقلّلوا من قيمتها أو تهميشها أو هدمها.
يظنّون أن تحطيم تمثال للعذراء هو تهميش أو تقليل من قيمة سيدتنا مريم العذراء، فبانتقالها بالنفس والجسد الى السماء بقيت صورتها نقيّة لا يستطيع أحد تدنيسها. إمّا أعمال الإرهاب في العديد من البلدان عبر تفجير الكنائس، لا يمكنها أنّ تمسّ الجوهر. الذهب يبقى ذهباً مهما فعلوا به، إن أحرقوه أوّ حطّموه أوّ ذوبوه، يبقى ذهباً، وهكذا الجوهر يبقى جوهراً، فلا يفتخر هؤلاء كثيراً بأعمالهم لأنّ أعمالهم أرضيّة ولا تؤثّر على جوهر خالقنا وصورته.
رغم كلّ هذه الأشياء بقي لبنان أرض القداسة التي تفوح منها رائحة البخور، التي أنجبت العديد من القدّيسين وما زلنا ننتظر قدّيسين جدداً.
أمنيتي أنّ تتوقّف الأعمال التي تهين الأديان وتمسّ المحرمات والمقدّسات ورؤساء الطوائف وأخصّ منهم الكهنة، الرهبان والراهبات، المكرسين والمكرّسات، فهؤلاء الذين تركوا كلّ شيء وتبعوا المسيح ينقلون صورته على الأرض وهذا هو عمق رسالتهم.