أريد شراء دمية
شربل كرم
والدي أريد هذه الدمية، أبي اريد هذه اللعبة، وأنا أعلم أنك لا تملك ثمنها ولكنني أحتاج لألعب ولأضحك ولأركض يا والدي لماذا أنت فقير الحال ولماذا نحن فقراء… جلس طفل الثماني سنوات يخاطب صورة والده الذي مات ويطلب منه كل ما يحتاجه ظناً منه أنه قد يرسل له الدمى واللعب وقسط الدراسة وحاجات البيت من حيث هو في السماء بالقرب من الله كما أخبروه والدته والناس.
وبقي الطفل يكلم الصورة حتى تبللت من الشتاء الذي يتساقط من سقف عرفة المنزل حيث دوي البرق والرعد بين سقف البيت والسماء حيث كان قلب الوالد يمطر حرقتاً من سمائه وعلى إبنه الذي يسمع صوته ولكنه لن يتمكن من ارسال المال له لتحقيق رغباته البسيطة كما كل طفل.
وبقي المطر يتساقط دون توقف حتى إختفت كل ملامح الصورة في يد الطفل الذي لم يعد يجد صورة والده بين يداه بل مجرد ورقة مبللة بيضاء فيها ملامح قد تشبه والده، وهنا أدرك الطفل أن دموع والده باتت شتاء وفراق وأنه لم يعد يمكنه طلب أي شيء منه ولن يلبي أي من رغباته فهو غادر الى مكان ما وتعلم أن لا يبكي كي لا تتساقط دموع والده من السماء، بل تعلم الضحك والقوة وأن تكون اللعب هي الكتب والعلم والثقافة كي يتقدم في الدراسة وفي مشوار الحياة وفي لحظتها دفن إبن الثماني سنوات طفولنه في صورة والده ليصبح ناضجاً ومسؤولاً ولكن الطفل بقي يصرخ في داخله لأنه لم يتعرف الى معنى الطفولة، ولكن هذا الطفل كبر على معاني المبادىء والكرامة والرقي وبعد سنين عاد لينظر الى صورة والده فوجد ملامحه عادة الى الصورة وكأنه يبتسم فوضع الطفل الصورة في مكانها وتابع مشوار الحياة رجلاً من عمر الثماني سنوات