Menu

بقلم راني البيطار الولادة الجديدة

لبنان 1920 – ولبنان 2020 هو لبنان الكبير، إعلان لبنان الكبير، هي بيروت نفس بيروت، ما الذي حدث وكيف ولماذا؟ هي اسئلة كبيرة تحتاج لحجم الإنفجار لتكون صغيرة وهل بالصدفة يكون الإحتفال بمئوية لبنان الكبير وبيروت مرة جديدة مدمرة ، التاريخ يعيد نفسه وكأننا في التاريخ أبطال وقصص من الحياة بيد محرك خفي يحركنا الى عيش الأحداث في حياة قد تكون فيلم سينمائي مكتوب مشاهديه كونيين بالملايين…

المهم انه مر علينان مئة عام شاهدنا خلالها ملايين الإعلانات والقرارات، ولكن هل مر امامنا؟ بالخطأ إعلاناً عن نفسنا وروحنا من داخلنا يخلق فينا ولادة جديدة تجعلنا اشجار في معاني الحياة والأيام… وكيف نبحث عن الولادة الجديدة من قلب الركام لأننا دوماً في طور الولادة ونعيش في عالم سريع التغيير من حال الى حال ونحن هم الأحوال… تنطلق القوة من الداخل الى الخارج طاقة حياة رغم الموت والركام…

مر علينا الكثير من الأعوام ونفس الحاجات و العبارات تطاردنا” مساعدة العائلات المنكبوبة” إيجاد اللقاح المنسب للوباء والمرض، الموت، إعمار البيوت المدمرة، إقفال المطارات، السماع بالعديد من الجمعيات منها من هو صادق ومنها من يبحث عن الغناء على حساب الأنقاد، التحدث عن موت فلان وعلان، تسابق الفنانين على الغناء لأجل بيروت أو أي بلد منكوب، كلها عوامل لإدارة الحياة ولكن هل عملنا ولو لمرة واحدة على عوامل إدارة الإنسان في الحياة بالفعل أو بمجرد الكلام والكلام والكلام وتطير السنين والكل محتاج الى إنسان مجهول يغيير فعل الحياة في خلق الحياة في فعل الحياة للوصول الى الولادة الجديدة للبشر قبل الحجر…

كلما وقعنا في مصيبة وكارثة يتوقف الإنسان وكأننا في نهاية العالم والكون رغم وعيينا تماما أن الحياة كلها مصائب وكوارث، وعلينا نحن البشر أن نعرف ان الفرح والسعادة لا يعني فقط السهر والرقص والمال والسيارات والسفر الخ… ولكن السعادة هي أن تجتاز لحظة المصيبة وتكون على قيد الحياة وتشارك في صناعة الولادة الجديدة للبلد والحي والمسكن والشارع.

في الرابع من شهر اب من العام 2020 كانت بيروتنا من جديد على موعد لقاء مع القدر في تفجير كبير ليكون إعلان جديد اخر ينشر إسمها على مسارح الأحداث العالمية. ومرة جديدة تعود نفس الحكاية إعادة الإعمار البكاء الدمار، ضحايا ابرياء يسلمون الشهادة، ظهور للكثير من الجمعيات والمساعدات، وفي كل تاريخ ومصيبة نسمع نفس المصطلحات!!! لتمر الأيام ويظهر رجل إنقاذ جديد وتاريخ جديد سيلحق به مصيبة جديدة ليولد تاريخ أخر… ومن هنا علينا أن نعلم أن السعادة هي رحم التعاسة والدمار هو من رحم الإعمار وقد يكون الإزدهار هو من رحم أكبر الكوارث.. لم يأتي بني الإنسان على الأرض ليكون في الجنة بل نحن واقع قصص يحيط بنا الكثير من الهموم والموت هو شريكنا في كل دقيقة حياة، لذلك علينا في كل مصيبة أن نكون أقوياء حكماء ابطال للتاريخ الجديد فكل تاريخ سيكون له أجيال جديدة تدرسه.

ما حدث في بيروت دمار كبير والأكبر هو شهادة هؤلاء الأبطال، ولكن هم أبطال يدخلون التاريخ بفعل أكبر من حجم الفعل لأنهم أصبحوا نيشان يعلق على علم الوطن ورجالات يدخلون كتاب التاريخ بالدم العريض، فرجال العالم كله يتصارعون على القوة من أجل البقاء في المناصب وعلى الكراسي للدخول في التاريخ،،، البيوت المدمرة حكما سيعود إعمارها ففي كل الأزمنة تم إعمار كل ما تهدم ستعود الى نفس شكلها أو بطريقة حديثة، فرص العمل ستخلق من جديد، لبنان لن يموت سيعود الى مرحلة جديدة سيكون فيها السعادة والحياة والبشر والموت ليتم فعل دوران الزمان فالزمان لن يقف عند حدود شخص أم أشخاص او أوطان… ولكننا نحن البشر في كل تكة قد نتوقف عن الدوران في فعل الزمان…

الف تحية الى كل شهيد سقط على ارض الوطن انت بطل يا أخي لن تموت لأنك تاريخ من البطولة ، الف قبلة على جبين كل إنسان تضرر ولكن افرح لأنك ستكون شاهد على قصة جديدة ستكتب … على الإنسان ان يتعلم أن الزمان لن يتوقف بل العكس نحن سنتوقف عن الدوران في فلك الزمان.. علينا الفرح دوما دوما بأن نكون تلاميذ على مقاعد مدرسة الحياة وننظر الى الإيجابيات من رحم السلبيات وننتظر الولادة الجديدة، ما حدث في بيروت اليوم وما يحدث في العالم هل نتعلم منه أو نعلم فيه وكيف نعمل على ذلك؟؟… نتعلم أننا نحن من نصنع أقدارنا في حياتنا في أوطاننا من خلال الإنتخاب وأيصال من يكون سند لنا وليس العكس، هل نتعلم ان فعل العمل في كل المهن ليس بعيب بل كلنا موظفين على باب العيش بكرامة وطبعا مع المحافظة على تحقيق الأحلام والرسالة، الدروس لن نتعلمها من دنيا من دون مرض وكوارث ورغم بشاعة الدمار الكثير من الشباب نزلوا و شاركوا في تنظيف الطرقات لتولد مشهدية تعبر عن التعاون والحب، وظهرالكثير من المبادرات الفردية لمساعدة الناس وهذه الأمور هي دروس لزرع الخير في عقل الناس وحب التطوع والتنازل عن المال الفائض لأجل من هو بحاجة.. دمار بيروت كان صحوة لشباب الوطن لأنهم سيصنعون رجال بيروت الغد لتعود أمجاد عاصمة لا تقهر على أمل أن نشهد على الولادة الجديدة لطائر الفينيق ونترك بصمة من لبنان الى كل العالم كي ندخل الحياة بدل من الموت في الروح والجسد.. وهكذا فعل كبار ادباء لبنان وفنانية رجال نجحوا في اعمالهم خارج الوطن منهم من أصبح رئيساً وعالما وأخيرأ شهدنا على بصمة السيدة فيروز في ولادة الحياة من جديد و رفع علم لبنان الى منازل التاريخ الكوني العالمي.. كل هذه البطولات حول العالم هي تخلق من رحم الأحزان والمصائب ، لنحب العمر والحياة في كل الأوقات ولنكن كما الشمس في كل يوم مشرقين فالقدر لن يرحمنا في حزننا وفرحنا، ولو كان الضمير يوما حاكما لربما تقرر المصير والطريق وسقطت كل الألقاب مسبقاً. عيشوا اللحظة وتصبحون على وطن جديد وانتم جدد بسلامكم الداخلي… الى بيروت من قلبي الف سلام حيث يقف كل الكلام، والى الشهداء الرحمة والى كل الدموع الف تحية اجلال من ابنكم ابن الوطن الحبيب لبنان الإنسان راني البيطار… لنحقق احلامنا بولادتنا الجديدة ولنكن كونيين خارج الجغرافيا والتاريخ تلاميذ على مسارح الزمان ولنبني وطن لأجل الإنسان وليس الكراسي….الى اللقاء

فيديو اليوم